التدوينة دي مرت بمراحل كتير بداية من بوست على فيسبوك ميشوفهوش غير ناس محددة مروراً بتسجيل صوتي الوصول ليه محدود برضو لحد ما قررت في النهاية إني أكتب بشكل عام خصوصاً إني مش عارف أنا عايز أقول إيه تحديداً وتحديداً عايز أقول لمين.
في صديق دايماً يقولي إني عندي نزوع للدراما وإني دايماً عندي نظرة أبوكالبتيك للعالم
يمكن ده حقيقي لكن اللي متأكد منه إني مش شخص رومانسي (المدرسة الفلسفية مش التعبير الدارج عن علاقات الحب). أياً كان .. البداية في كتابة الكلام ده كانت صعبة ونشره كان أصعب فلو قررت تقرأه مش هطلب غير إنك تحترم الحقيقة دي مش شرط تحترم الكلام أو تشوفه مهم لأنه مش مهم في الحقيقة. حاول/ي تحترم حقيقة صعوبة كتابته ونشره مش أكتر أو بطل/ قراءة عندي النقطة اللي جاية في أخر الجملة دي.
من سنة بالظبط كنت في سفرية شغل في مدينة أوروبية إنتهت بإني عرفت بشكل مؤكد إني لو رجعت مصر هيتم القبض عليا، ده كان بعد شهرين تقريباً من الحكم ببرائتي في قضية فضلت في المحكمة سنة وشهور وإتسببت في أزمات وندبات مضطر أتعايش معاها لحد إنهارده. مكنش عندي غير أيام أخد فيهم قرار هيغير حياتي للأبد وبعد تفكير كتير قررت إني معنديش أي فرص للنجاة من تجربة حبس تانية بعد وقت قليل بالشكل ده مسمحليش حتى أبدأ أتعافى من الأثار اللي خلفتها التجربة الأولانية رغم كونها قصيرة.
قررت إني مرجعش وفي القرار ده كان محاولة مني للنجاة لكن كنت مدرك تماماً أنا هخسر إيه
دلوقتي وبعد 12 شهر من التجربة دي تقريباً خاليين من أي تفاعل إنساني حقيقي وكل يوم تقريباً حالة العزلة عن العالم بتزيد وصحتي النفسية والجسدية في تراجع مستمر قررت إني محتاج أتكلم، وعشان أكون واضح دي مش صرخة في طلب مساعدة أو إستنجاد أكتر من كونها مجرد محاولة إني أتكلم بصوت عالي شوية وإن حد غير نفسي يسمع أفكاري خصوصاً إن ظروف وطبيعة شغلي وحياتي بتشجع وترحب وتتواءم جداً مع العزلة الإجتماعية وده مكنتش شئ سهل.
أنا إتعرضت للتعذيب والإيذاء الجسدي والنفسي والمساومة والضغط والإهانة بدرجات متفاوتة على فترات متفاوتة بدأت بإستدعائي “للدردشة” في مكتب الأمن الوطني في 2016 لحد القبض عليها بعدها بكام شهر تقريباً وإخفائي كام يوم وبعدها عرضي على النيابة بقضية خايبة وحياتي لشهور طويلة في حالة خوف وعدم يقين مسمحوش ليا حتى إني أقف لحظة وأفهم إيه اللي بيحصل في حياتي وإزاي ممكن أتعامل معاه.
خلال السنة اللي فاتت أنا بدأت رحلة علاج نفسي مكانش سهل إنها تبتدي، خصوصاً إني بدأت ده وأنا لوحدي تماماً بدون مساندة من اهل أو أصدقاء لإعتبارات المسافة أو إعتبارات تانية أهمها إني بطبيعتي مبتكلمش عن مشاعري ولا أنا أصلاً فاهمها ولا على إتصال بيها ولا بقدر أطلب المساعدة لما أكون محتاجها فعلاً .. معتقدش حتى إني بكون عارف إني محتاج مساعدة.
عادة مبحبش أتكلم عن حياتي الخاصة وتفاصيلها عبكش مفتوح، لكن ده مش وضع إعتيادي ولا السنة اللي عدت دي كانت سنة عادية، في النهاية قررت إني هبدأ أكتب هنا على قد ما أقدر - في الحقيقة مش عارف هل ده هيستمر ولا لا وهل هيخليني أحس إني أحسن ولا لا - ولا حتى عارف المفروض أتوقع إيه لكن إختياراتي مش كتير.
وفي مراجعتي لقرار إني أتكلم بتحفظ عن تفاصيل القبض عليها والتحقيق معايا أنا مازلت مش شايف إن ده كان قرار خاطئ لكن بالتأكيد مواجهة الوضع ده لوحدي تماماً مكانتش سهلة.
(2011 - 2013 -2016 - 2019)
بإختصار وقبل ما أبدأ أرغي في شوية حاجات ليها علاقة بالفترة اللي فاتت، أنا مش موجود في مصر بقالي سنة ومعتقدش إني راجع قريب ومعرفش الوضع ده هيتغير إمتى إذا كان مممكن يتغير على الإطلاق.
عشان أقدر أشرح إيه اللي بيحصل أو حصل معايا لازم أربط شوية خيوط من حاجات حصلت قبل كدة وأنا كنت متحفظ في الكلام عنها لأسباب مختلفة هحاول أبينها هنا، في النهاية أنا فكرت أقول الكلام ده فين وبأي طريقة وكانت الإختيارات ما بين تدوينة أو تسجيل صوتي أو بوست وفي النهاية لقيت إني مش لازم أكبر الموضوع وأخليه معقد أكتر من ما هو بالفعل.
في البداية حابب أوضح إن دي مش شهادة ولا هي قصة ولا كل التفاصيل اللي ممكن تتقال هتتقال هنا، بإختصار لأن أسباب تحفظي على مشاركة بعض تفاصيل حياتي الشخصية مازالت موجودة ورغم إني مش موجود في مصر وبنسبة ما اّمن من تداعيات الكلام ده لكن في بعض الناس اللي يهمني أمرهم مهماش أمنين وده عنصر مهم بيتحكم مؤخراً في تحديد كل حاجة في حياتي بداية من طبيعة شغلي لحد قراري إني مرجعش مصر لحد قراري بإني ميكونش ليا أي علاقات قوية بأي حد.
في 2011 أنا بدأت أكون مهتم بالشأن العام بدرجات تفاوتت مع الوقت وفي سياقات إختلفت وإتأثرت بمستويات تعلمي وإنجذابي لمجموعات أو أفكار وفضل الموضوع بالشكل ده لحد 2013 اللي انتهت بأحداث في حياتي الشخصية وفي مصر عموماً خلتني أخد قرار إني أركز في شغلي أو بشكل أوضح في الحاجة اللي انا أعتقد إني بعرف أعملها كويس وأحاول أضيف حاجة في المجال ده ممكن مع الوقت تخدم شوية الأفكار اللي أنا مصدقها، من هنا مضطر أشد خط طويل شوية لحد 2016 خصوصاً إن في بعض الحاجات اللي مظنش إني قادر أحكيها أو أتكلم عنها.
في 2016 كنت بشتغل في منظمة حقوقية ما في دور تقني - كان دور ضيق وسخيف لكني كنت مبسوط بيه وبإني بتعلم وبساعد قدر إمكاني - جاتلي مكالمة في الوقت ده غيرت حياتي تماماً بغض النظر عن تفاصيلها اللي كانت بإختصار دعوة للدردشة مصحوبة بتهديد مخفي بإني لو مظهرتش في المكان المطلوب في الميعاد المطلوب هيتم القبض عليها من “بيت أهلي وبهدلتهم” وبغض النظر عن علاقتي بأهلي المعقدة وإني مش عايش معاهم ولا بشكل جزء من حياتهم من وقت طويل لكن فكرة إنهم يشاركوا في دفع أتمان إختياراتي وطريقة حياتي هي حاجة أنا حاولت أتفاداها لوقت طويل لأسباب كتير مش هذكرها هنا.
الشاهد إني حضرت قعدة الدردشة ومحامي صديق وجدع قرر إنه عايز يكون موجود ورغم إنه اتمنع من الحضور معايا لكن ده ممنعش حضرة الظابط أنه يحاول يأذيه ويسخف عليه بعد كدة لأن وجوده تم إعتباره رد بضان على مجرد دعوة بريئة “للدردشة” وحضرة الظابط مبيحبش التحدي في العموم ولا “العند”.
مازلت مش شايف فايدة من سرد أحداث “القعدة” دي بغض النظر عنن إني أصلاً لحد إنهارده مش فاهم لا سببها ولا محتواها لكن نقدر نقول إن حضرة الظابط كان بيتعرف عليا وبيجس نبضي على حد تعبيره وإن إسمي إتسمع وإتقال في سياقات و"قعدات” مختلفة خلت في فضول بخصوصي.
كانت النتيجة الوحيدة الواضحة إني رفضت أي محاولات للتعامل “بصحوبية” أو حميمة مريبة وإنه طالما مفيش أي إجراءات قانونية أو إتهامات ضدي فأي دعوات مشابهة هي مرفوضة سلفاً في المستقبل عشان كل الأطراف تريح دماغها وتشوف حاجتة تانية تشغل بيها وقتها.
وقت خروجي من مبنى الأمن الوطني بعد ساعات من الألعاب النفسية السخيفة قررت إني محتاج أفكر وأخد قرار في إني أكمل في نفس مجال شغلي حالياً أو أدور على شغل تاني في سياق ربحي “عادي” وأبعد عن التعقيدات دي، كان قراري بعد أيام إني أكمل وإني راضي عن الدور اللي بلعبه -مكانش قرار فيه أي نوع من البطولة ولا الرومانسية أكتر من كونه قرار منطقي أو كان كدة بالنسبة لي في وقتها ومازال-. هنا كانت المشكلة الأساسية واللي هي أساس سياق كل اللي حصل بعد كدة، إن حضرة الضابط وضح أكتر من مرة إنه عارف إن نقطة ضعفي هي أهلي وأنه فاهم إني عندي تخوفات بخصوص “أذيتهم” على حد تعبيره، لكن في الحقيقة أنا مكانش عندي إختيارات كتيرة خصوصاً إني مش ومكونتش أبداً من نوعية الناس اللي “بتتعاون” مش لسبب بطولي أو رومانسي برضو لكن هي حسبة منطقية أنا مقتنع بيها وراضي عنها وفاهمها كويس ومش مهتم أشاركها مع حد مختصرها إني طول حياتي أصلاً عندي -مشاكل مع السلطة- بكل أشكالها، يمكن كانت حياتي أسهل وأكثر مللاً لو كانت شخصيتي نفسها مختلفة لكن لو ده كان الحال برضو كنت هكون شخص تاني بخلفية ووعي تانيين مكونتش هكون أنا اللي بيتكلم دلوقتي.
من وقت خروجي من المبنى السخيف ده فضلت لشهور تحت ضغط سخيف لدرجة إني غيرت سيبت مكان سكني أكتر من مرة وبطلت أزور أهلي غير في مناسبات محدودة عشان ميكونش في إنطباع إني قريب منهم وهنا بدأت علاقاتي بكل الناس القليلين اللي كانوا حواليا تتقطع بمعنى إني خسرت إتصالي بالعالم أصلاً من وقتها على مراحل، محبتش حد يتأذي بسببي أو يشارك في دفع تمن إختياراتي الشخصية وبرضو دي مش بطولة أكتر من كونها إني محبتش ومازلت مش حابب أكون مدين لحد بأي شئ ويمكن ده جزء كبير من مشكلتي لحد إنهارده.
ممكن ننط في الأحداث شوية ؟!
إنهارده أنا بعيد عن كل شئ أعرفه أو بحبه وفي الحقيقة مش عارف لسة أحط كل اللي حصل معايا في سياق منطقي ويمكن دي أكتر حاجة مزعجه -عقولنا دايماً محتاجه لمنطق وبتدور عليه- وأنا عقلي مكانش حنين عليا أبداً ولا إداني أي فرصة للراحة.
أنا بدأت تجربة علاج من شهور ولسة لحد إنهارده بكتشف ندبات أنا نفسي مكنتش أتخيل إنها موجودة ولا فاكر إيه هي الجروح اللي أدت ليها. لسة بحاول أفهم نفسي وأفهم العالم ولسة برضو مستخبي منه. أعتقد إني بحب المساحة اللي ما بين الصحافة والعمل التقني وأعتقد إني هحاول أتعلم أكتر وأعتقد إني لسة عندي شوية فضول هيخلوني مكمل. أياً كنت مين لو قررت تقرأ الكلام ده وكملت لحد هنا ده شئ مبهر جداً بالنسبة لي وبيقول إن في بينا سابق معرفة ويمكن صداقة. هحاول أكتب تاني وأكمل ويمكن معملش ده. بفكر أكتب عن علاقتي بالتقنية وتطور ثقتي في اللي حواليا وفي العالم وإزاي إتطورت. يمكن كمان عن الخصوصية في سياق الثقة.