جزء من تقرير نشرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بتاريخ 16 أكتوبر 2017 بعنوان “المعركة لم تنته - الإنترنت والحكومات العربية” كنت قد شاركت بإعداد الجزء الخاص بتونس.
للإطلاع علي التقرير كامل علي موقع الشبكة
للوصول للموقع من داخل مصر
نظرة عامة
يبلغ عدد سكان تونس نحو 11,2مليون نسمة ، ورغم التوقعات بمناخ أكثر انفتاحا مع القيام بخطوات في اتجاه الإصلاح التشريعي الملائم لحماية حرية التعبير على الإنترنت وتداول المعلومات بشكل حر، تتسق مع مبادئ الثورة والانتقال الديمقراطي، إلا أنه وتحت مظلة محاربة الإرهاب شهدت الأشهر الأخيرة تراجعاً ملحوظاً لحرية الإنترنت في تونس حيث وقعت ملاحقات قضائية وحالات اعتقال على خلفية نشر مواد تنتقد الحكومة أو المؤسسات أو ممثلي السلطة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أو مدونات خاصة أو مواقع صحفية.
قطاع الاتصالات والإنترنت
وتسيطر شركة اتصالات تونس على سوق الهاتف الثابت بنسبة تبلغ نحو 89% من عدد المشتركين وتأتي بعدها شركة أورانج تونس بنسبة 6.9% ثم أوريدو بنسبة 3,5%، بالنسبة للهاتف الجوال فقد بلغ عدد المشتركين ما يزيد على 14,9مليون مستخدم من خلال أربعة شركات هم اتصالات تونس، أوريدو، لايكا موبايل، وأورانج تونس.
و قد انضمت شركة لايكا موبايل كمشغل جديد لخدمات الهاتف الجوال إلى سوق الاتصالات التونسي الذي شهد نمواً متزايداً واستثمارات جديدة خلال السنوات الأخيرة حيث كان سوق الاتصالات قبل انضمام الشركة ينقسم بين أربعة مشغلين أساسيين لخدمات الاتصالات هم اتصالات تونس وأوريدو وأورانج تونس.
أيضاً شهد سوق خدمات الإنترنت تطوراً ونمواً متزايداً خلال الفترة الأخيرة سواء اشتراكات الإنترنت عن طريق الهاتف الثابت أو تكنولوجيا الجيل الثالث ، وحدث بعض التوسع والانتشار البطيء نسبياً في استخدام كابلات الألياف الضوئية التي تقدم اتصال بالإنترنت بسرعات عالية .
ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت في تونس بنحو 7,5ملايين مستخدم ، منهم نحو 6مليون مستخدم لفيس بوك ، واقترب عدد مستخدمي تويتر من 250ألف مستخدم ، مما يمثل طفرة هائلة ، لاسيما في عدد مستخدمي تويتر ،حيث لم يكن العدد يتجاوز 110ألف في بداية عام 2015.
البيئة القانونية
أثار قيام البرلمان التونسي بالتصديق على قانون جديد لمكافحة الإرهاب في 25يوليو 2015، قلق المهمومين بحقوق الإنسان وحرية التعبير في تونس ، حيث حفل بالعديد من المثالب مثل التوقيف بدون محاكمة لعدة أيام ويمنح الحكومة حق مراقبة الإنترنت والمراسلات ، رغم احتوائه على بعض المواد التي تسمح للصحفيين بعدم الكشف عن مصادرهم .
ففي 25يوليو 2015قام البرلمان التونسي بالتصديق على قانون مكافحة الإرهاب الذي أثار جدلاً واسعاً نتيجة لتأثيراته المتفاوتة على حرية الرأي والتعبير فرغم أن القانون يجرم استخدام السلطات لطرق تحري استثنائية كالاختراق أو التنصت على المكالمات بدون إذن قضائي لكنه في نفس الوقت احتوى على بعض المواد والتعريفات الفضفاضة وغير المحددة التي تفتح الباب أمام استغلال مواده للتضييق على حرية الرأي والتعبير على الإنترنت وفي حالات لا تتضمن ممارسة العنف أو الإرهاب.
تقع مسؤولية إدارة الاتصال بالإنترنت داخل تونس وإنفاذ القوانين المنظمة لذلك ضمن مهام وزارة تكنولوجيا الاتصالات والاقتصاد الرقمي ويأتي بعدها ثلاثة هياكل إدارية شبه مستقلة باختصاصات وسلطات مختلفة هم الهيئة الوطنية للاتصالات والوكالة التونسية للإنترنت والوكالة الفنية للاتصالات، كما يضمن الدستور التونسي حرية الإعلام عبر الإنترنت بجانب مراسيم وقوانين أخرى ترقى لمرتبة الدستور.
حالات حجب أو حذف محتوى
لم تشهد الفترة الأخيرة أي حالات حجب حكومي موثقة لمحتوى على شبكة الإنترنت وبينما صرح مسؤولون في أكثر من مناسبة بأنه لن يكون هناك رقابة على الإنترنت في تونس إلا أن وزير تكنولوجيا الاتصالات والاقتصاد الرقمي نعمان الفهري صرح بحدوث بعض محاولات التعاون والتنسيق مع الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي بغرض غلق الصفحات التي تنشر محتوى يروج للعنف والتطرف ، وحسب تقرير فيسبوك للشفافية فإن الحكومة التونسية أرسلت طلباً واحداً شمل الاستعلام عن بيانات 48مستخدماً بينما استقبلت جوجل طلباً واحداً لحذف المحتوى بحجة السب والقذف ولم يتلقى تويتر أي طلبات حذف أو استعلام ، كما تعرض موقع إنكيفادا لهجوم إلكتروني أدى لتوقفه عن العمل لأيام بعد ساعات من نشره لمعلومات تفيد بتورط تونسيين في فضائح “وثائق بنما “الشهيرة ، و لا توجد أدلة مؤكدة عن مصدر الهجمات .
حملات هامة على الإنترنت
-#مانيش_مسامح
أطلق نشطاء حملة #مانيش_مسامح ضد قانون المصالحة الذي أقترحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في منتصف عام 2016، وأحالته الحكومة للبرلمان للمصادقة عليه، وقاد الحملة قوى المعارضة وشباب الثورة وممثلي المجتمع المدني بسبب ما اعتبروه تشريعاً للمصالحة مع رجال أعمال متورطين في قضايا فساد في عهد نظام بن علي وتبريراً لإفلاتهم من المحاسبة على جرائمهم في حق الشعب التونسي مقابل إعادتهم للأموال المنهوبة.
-حملة #ولدك_في_دارك
أطلق نشطاء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي في صيف 2016تحت عنوان “ولدك في دارك”وكان موضوع الحملة هو مطالبة رئيس الجمهورية بوضع حد لتدخل ابنه حافظ قائد السبسي في شؤون الدولة وعدم الخلط بين صفته كأب وبين كونه رئيساً للدولة، واستوحى التونسيون هذا الهاشتاج من مداخلة للنائب عمار عمروسية خلال جلسة لسحب الثقة عن حكومة الحبيب الصيد حيث قال موجهاً كلامه للرئيس التونسي “ولدك في دارك”ملمحاً إلى وجود محاباة من رئيس تونس تجاه ابنه تسمح له بالتدخل في شؤون إدارة الدولة مستغلاً منصب والده.
-#إحترم_القانون، #طبق_القانون
وفي خريف 2016، أطلق بعض النشطاء من المجتمع المدني حملة تدعو لاحترام وتطبيق القانون تحت عنوان احترم القانون، طبق القانون وورد في بيان عن الحملة إنها تهدف لحث المواطنين والمواطنات جميعاً على احترام القانون والالتزام به دون تمييز بين الأشخاص وفي كل الأوضاع التي تستدعي احترام القانون، وتسعى الحملة إلى إقناع جميع التونسيين للانخراط والدفاع عنها من خلال التوقيع على بيان “الالتزام المواطنين من أجل تونس”.
الملاحقات الأمنية والقضائية
محمد اليوسفي
تلقّي محمد اليوسفي، رئيس تحرير موقع “حقائق أون لاين”، في 15يناير 2016استدعاء للحضور لدى الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب بالعوينة، على خلفية نشر مقالات حول موضوع الإرهاب في تونس.
وأعلن نقيب الصحفيين التونسيين، ناجي البغوري، تضامنه مع رئيس التحرير والعاملين في الموقع، مؤكداً أن الاستدعاء غير قانوني، وأشار إلى أن مثل هذه الممارسات هي بمثابة محاولة تنكيل وتخويف للصحفيين من الخوض في قضايا الإرهاب، ومؤشر سيّئ للحكومة الجديدة، ومحاولة لإقحام القضاء من أجل الحدّ من حرية الإعلام، والتضييق على الإعلاميين.
عبد الفتاح سعيّد
قضت المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 30نوفمبر 2015بسجن المدون وأستاذ الرياضيات عبد الفتاح سعيّد لمدة عام مع تغريمه ألفي دينار (960دولار تقريبا) على خلفية اتهامه بالإساءة إلى شخصيات رسمية حكومية عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، وكذا لتصريحه عبر فيديو نشره على صفحته عن تورط مسؤولين عموميين في عملية سوسة الإرهابية.
ونُظْمت عدة وقفات تضامنية مع المدون عبد الفتاح سعيّد طالبت بالإفراج عنه، معتبرة أن ما قام به يندرج في إطار حرية الرأي والتعبير التي نص الدستور التونسي على حمايتها.
مهيب التومي
ألقت قوات الأمن القبض على التومي في يوليو 2015على خلفية تدوينات على حسابه الخاص على فيس بوك، انتقد فيها تجاوز أفراد الأمن للقانون في أحداث عنف وقعت خلال إحدى فعاليات حملة “وينو البترول”، فضلا عن اتهامه بسب وقذف رئيس الجمهورية. وقد تأجلت محاكمته عدد من المرات ويذكر أن إجراءات المحاكمة مستمرة حتى الآن، وقال التومي في تصريحات صحفية أن التدوينه التي يحاكم بسببها تعود إلى عام 2012، وأضاف أنه خلال المحاكمة قد تم تحريف الاتهام الموجه له من التطاول على رئيس الجمهورية والتهجم والتحريض على أفراد الأمن الوطني، إلى اتهامه بالقذف العلني في محاولة حسب رأيه لإخراج القضيّة من إطارها الحقوقي والمس بحرية الرأي والتعبير.
صحفيو موقع نواة
تعرض الفريق الصحفي لموقع “نواة” الإلكتروني يوم الأربعاء 30سبتمبر 2015إلى اعتداء بدني ولفظي من قبل أفراد أمن بالزي الرسمي بمنطقة باب سعدون أثناء تغطيتهم لمظاهرة الطلبة ضد مشروع قانون المصالحة، وذلك رغم إبرازهم البطاقات التي تثبت ممارستهم للمهنة، وقام عدد من أفراد الأمن بالاعتداء عليهم بالضرب محاولين اقتيادهم إلى مركز الشرطة ومصادرة وتخريب معداتهم.
نورالدين المباركي
في 8يوليو 2015، وجهت السلطات القضائية إلى نورالدين المباركي، رئيس تحرير موقع آخر خبر أون لاين، تهمة التواطؤ مع الإرهاب لأنه نشر صورة فوتوغرافية تُظهر سيف الدين الرزقي، الذي قتل 38مواطنا أجنبيًا في هجوم 26يونيو في سوسة، وهو ينزل من سيارة قبل أن يتوجه اللي الشاطئ و يشرع في إطلاق النار ، قال قاضي التحقيق لنورالدين المباركي إنه وجه إليه تهمة “تسهيل فرار إرهابيين”، عملا بالفصل 18من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003، لأن الصورة التي نشرها قد تتسبب في تعطيل التحقيق الجاري لأنها ربما توجه إنذارًا إلى شركاء الرزقي ويذكر أن قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي يوفر حماية للصحفيين الذين يمتنعون عن الإفشاء عن مصادرهم من الملاحقة القانونية لم يكن قد أقر بعد .
راشد الخياري ووليد العرفاوي
اتهمت النيابة العمومية راشد الخياري، رئيس تحرير صحيفة وموقع “الصدى“يوم 16نوفمبر/تشرين الثاني 2016بالتشهير بسمعة الجيش وتقويض الروح المعنوية بموجب “قانون القضاء العسكري”وقانون العقوبات. مثُل الخياري لأول مرة أمام قاضي التحقيق في 21نوفمبر. في 26سبتمبر، اتهمت النيابة العمومية العسكرية جمال العرفاوي، صحفي مستقل، بالتشهير بسمعة الجيش في مقال على موقع Tunisie-telegraph.com، بموجب الفصل 91من قانون القضاء العسكري. كلاهما مطلقي السراح بانتظار المحاكمة.
عفراء بن عزة
عفراء بن عزة، تلميذة بالسنة الثالثة آداب بأحد المعاهد الثانوية بالكاف، تبلغ من العمر 17سنة، مناضلة بالحركة الطلابية وناشطة مستقلة. أقدم أفراد البوليس على إيقافها مساء يوم الأربعاء 16ديسمبر 2015بمدينة الكاف على خلفية مشاركتها في وقفة احتجاجية تندد بالتفريط في مقهى سيدي مخلوف الذي يعتبر أحد المعالم التراثية بمدينة الكاف. وقد رافق إيقافها عنف لفظي ومادي من قبل أفراد البوليس، وحسب ما سمعته والدتها وشقيقتها من صراخ، يشتبه أنه تم استخدام العنف كذلك بمركز الأمن أثناء استجوابها دون حضور المحامي، وأُّكرهت على إمضاء محضر البحث ومحضر احتجازها والحال أنها قاصر. كما تم اتهامها بشن حملة ضد الأمن بسبب تنديدها بالعنف البوليسي على مواقع التواصل الاجتماعي، يذكر أن قاضي الطفولة قام بإطلاق سراحها يوم 29يناير 2016.